بقلم د. وحيد عبدالمجيد
يبدو أن أصابع الصهيونية التى تعبث فى مصر لا تقف عند حد، فثمة ما يدفع إلى الارتياب فى أن هذا العبث يحاول الامتداد إلى الكنيسة الوطنية المصرية، التى نفخر بمواقفها المشرفة ضد الاحتلال الإسرائيلى.. ويبدو هذا العبث فى محاولة تغيير سيناريو الفيلم، الذى يتناول رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، بعد أن وافقت الكنيسة عليه.
وهذا هو ما يمكن استنتاجه من النزاع حول سيناريو الفيلم، فهذا ليس خلافاً عادياً مما هو شائع بين منتجى هذا الزمان والمبدعين، كما أن خلافاً على تفاصيل فى هذا الجزء أو ذاك من السيناريو لايمكن أن يتسبب فى تعطيل العمل فى فيلم من هذا النوع بكل ما يمثله من أهمية وما ينطوى عليه من حساسية، فلابد أن يكون الخلاف، إذن، جوهرياً وليس تفصيلياً.
وبالرغم من أن أحداً لا يريد الإفصاح عن طبيعة الخلاف تحديداً، فالمعلوم أنه يتعلق بطلب المنتج تغييراً يفيد أن صحفياً غربياً جاء إلى مصر لتقصى ما يقال عن رحلة العائلة المقدسة بحيث يترك للمشاهد استنتاج ما إذا كانت هذه الرحلة حقيقة أم خيالاً.
ولا معنى لذلك، فى أى تفسير موضوعى، إلا أن المطلوب هو عدم الجزم بحدوث هذه الرحلة، وبالتالى التشكيك فى القصة برمتها.
ولأن هذا ليس خلافاً على تفاصيل، فمن الطبيعى أن تثار تساؤلات عن أبعاده، وأن تظهر تكهنات بشأنه.. ولعل أخطر هذه التكهنات هو أن لمنتج الفيلم شركاء أجانب يريدون فرض شروط تمس جوهر السيناريو وتعبر عن موقف عقائدى مختلف تماماً.
وإذا صح ذلك، فهذا يعنى أن الشركة البريطانية التى يقال إنها شريكة فى إنتاج الفيلم تتبنى رؤية عقائدية وتاريخية مغايرة لقصة السيد المسيح، وبالتالى العائلة المقدسة.. ويعرف المعنيون بالعقائد والمقارنة بينها أن لا خلاف بين الإسلام والمسيحية على نبوة السيد المسيح، وأن القرآن الكريم تناوله والسيدة مريم بكل تقدير وتبجيل، وأن الخلاف فى هذا المجال هو بين اليهودية والمسيحية.
فالتيار الغالب فى اليهودية يتبنى قصة مختلفة تتضمن، بين ما تشمله، التشكيك فى رحلة العائلة المقدسة إلى مصر.
ولذلك فالسؤال المحورى، الذى يجُبُّ غيره فى اللحظة الراهنة، هو: هل يقبل أى مصرى مسلم أو مسيحى أو حتى يهودى يعيش على أرض هذا الوطن أن يفرض أجانب -لهم «أجندة» قد تكون وراءها أصابع صهيونية- شروطهم على هذا النحو؟
ولا مجال هنا، بأى حال، لحديث عن اختلاف فى الآراء، فاحترام هذا الاختلاف يبدأ بإنتاج الفيلم وفقاً للسيناريو الذى أُعد له، وفى إمكان أصحاب الرأى الآخر إنتاج فيلم غيره فى أى مكان، فهناك ما يقرب من ٤٠٠ فيلم عن المسيح فى السينما العالمية حتى الآن، ولكن هذا هو الفيلم المصرى الأول الذى نتمنى أن نشاهده قريبا، ولذلك نتوقع من منتجه المصرى أن يرفض أى ضغوط، وأن يشرع فى تنفيذه دون تأخير، ويستطيع أن يجد شركاء مصريين أو عرباً آخرين إذا كان فى حاجة إلى ذلك.